الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)
.فيمَنْ اشْتَرَى دَارَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَاسْتُحِقَّ شَيْءٌ مِنْ أَحَدِهِمَا: قَالَ: يُنْظَرُ فيمَا اُسْتُحِقَّ مِنْ الدَّارِ، فَإِنْ كَانَ شَيْئًا تَافِهًا يَسِيرًا لَا ضَرَرَ فيهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ شَيْئًا مِنْ شِرَائِهِ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِحِصَّةِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ الدَّارِ في الثَّمَنِ. وَإِنْ كَانَ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ الدَّارِ هُوَ أَكْثَرُ تِلْكَ الدَّارِ وَفيهِ ضَرَرٌ، رُدَّتْ تِلْكَ الدَّارُ وَحْدَهَا وَرَجَعَ في الثَّمَنِ بِحِصَّةِ تِلْكَ الدَّارِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الدَّارَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الَّتِي اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهَا لَيْسَتْ وَجْهَ مَا اشْتَرَى. قَالَ: فَإِنْ اُسْتُحِقَّ مِنْ إحْدَى الدَّارَيْنِ الَّتِي هِيَ جُلُّ مَا اشْتَرَى، وَلَهَا اشْتَرَى الدَّارَ الْأُخْرَى وَفيهَا الْفَضْلُ جُلِّهَا أَوْ مَا فيهِ الضَّرَرُ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الدَّارَيْنِ جَمِيعًا، يَرُدُّ جَمِيعَ بَيْعِهِ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. قَالَ: وَإِنْ كَانَ الَّذِي اُسْتُحِقَّ مِنْهَا شَيْئًا يَسِيرًا تَافِهًا لَا ضَرَرَ فيهِ، رَدَّ الَّذِي اُسْتُحِقَّ مِنْهَا وَيَرْجِعُ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ بَقِيَّةَ الدَّارِ وَلَا الدَّارَ الْأُخْرَى، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت دَارًا وَشَفيعُهَا حَاضِرٌ، فَغَابَ الشَّفيعُ فَأَقَامَ في غَيْبَتِهِ سِنِينَ عَشْرًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ قَدِمَ يَطْلُبُ الشُّفْعَةَ، أَيَكُونُ لَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: إنْ كَانَ خُرُوجُهُ في غَيْبَتِهِ بِحَدَثَانِ اشْتِرَائِهِ وَفيمَا لَوْ قَامَ كَانَتْ لَهُ فيهِ شُفْعَةٌ نُظِرَ فَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ غَيْبَةً قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَأْتِي إلَّا في مِثْلِ مَا تَنْقَطِعُ فيهِ الشُّفْعَةُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ سَفَرًا يَرْجِعُ في مِثْلِهِ فيدْرِكُ فيهِ شُفْعَتَهُ، فَحَبَسَهُ أَمْرٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ يُعْذَرُ بِذَلِكَ، رَأَيْتَهُ عَلَى شُفْعَتِهِ وَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ مَا كَانَ في ذَلِكَ تَارِكًا لِشُفْعَتِهِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا تَنْقَطِعُ شُفْعَةُ الْغَائِبِ لِغَيْبَتِهِ. قَالَ: وَهَذَا يَقُولُ إنَّمَا خَرَجْتُ لِسَفَرِي وَلَمْ تَنْقَطِعْ شُفْعَتِي في الْأَيَّامِ الَّتِي خَرَجْتُ فيهَا، وَخَرَجْتُ وَأَنَا أَرْجُو أَنْ أَرْجِعَ وَخَرَجْتُ وَلَسْتُ تَارِكًا لِشُفْعَتِي وَأَنَا في مَغِيبِي عَلَى شُفْعَتِي، فيكُونُ ذَلِكَ لَهُ؛ لِأَنَّ شُفْعَتَهُ لَمْ تَنْقَطِعْ عِنْدَنَا إلَى الْيَوْمِ الَّذِي طَلَبَ فيهِ عَلَى حَالٍ مِنْ الْحَالِ. قُلْت: وَلَا نُبَالِي أَشْهَدَ حِينَ خَرَجَ في سَفَرِهِ أَنَّهُ عَلَى شُفْعَتِهِ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ، هُوَ عِنْدَك سَوَاءٌ وَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ ذَلِكَ سَوَاءٌ. .فيمَنْ ادَّعَى في دَارٍ فَصُولِحَ عَلَى دَرَاهِمَ وَلَمْ يُسَمِّ الدَّعْوَى كَمْ هِيَ: قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا الصُّلْحُ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَدْ جَعَلَ الصُّلْحَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ، فَلَا يَجُوزُ فيهِ لِمَجْهُولٍ كَمَا لَا يَجُوزُ في الْبَيْعِ الْمَجْهُولِ إذَا كَانَ يَعْرِفُ مَا يَدَّعِي مِنْ الدَّارِ، فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُسَمِّيَهُ ثُمَّ يَصْطَلِحَانِ بَعْدَ تَسْمِيَةِ ذَلِكَ عَلَى مَا أَحَبَّا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلَا فَالصُّلْحُ فَاسِدٌ وَلَا شُفْعَةَ فيهِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ إلَّا أَنْ يَكُونَا لَا يَعْرِفَانِ ذَلِكَ فيجُوزُ الصُّلْحُ. قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَهْلَكُ وَيَتْرُكُ دُورًا وَرَقِيقًا وَمَاشِيَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْعُرُوضِ، فيرِيدُ وَرَثَتُهُ أَنْ يُصَالِحُوا الْمَرْأَةَ عَلَى مِيرَاثِهَا مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ مَا تَرَكَ الْمَيِّتُ قَدْ عَرَفَتْهُ الْمَرْأَةُ وَعَرَفَهُ الْوَرَثَةُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا لَا يُعْرَفُ فَالصُّلْحُ فيهِ غَيْرُ جَائِزٍ، وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ، وَلَا يَجُوزُ في الصُّلْحِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ إلَّا مَا يَجُوزُ في الْبَيْعِ. .فيمَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِشِقْصٍ هَلْ فيهِ شُفْعَةٌ أَمْ لَا: قَالَ: فيهَا الشُّفْعَةُ. قُلْت: فَبِكَمْ يَأْخُذُهَا الشَّفيعُ؟ قَالَ: يَأْخُذُهَا بِقِيمَةِ الْإِجَارَةِ؟ قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، الْإِجَارَةُ عِنْدَ مَالِكٍ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ، فَإِذَا كَانَتْ بَيْعًا مِنْ الْبُيُوعِ فَالشُّفْعَةُ فيهَا إذَا اشْتَرَيْتَ الدَّارَ، فَالْإِجَارَةُ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ بِالْأَمْوَالِ وَالْعُرُوضِ، تَكُونُ في الدَّارِ الشُّفْعَةُ بِقِيمَةِ الْإِجَارَةِ. قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ. قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ بِعْتُ حَظِّي مِنْ هَذِهِ الدَّارِ بِسُكْنَى دَارٍ أُخْرَى أَتَكُونُ فيهَا الشُّفْعَةُ أَمْ لَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ لَهُ الشُّفْعَةُ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ ادَّعَيْت في دَارٍ سُدُسَهَا وَذَلِكَ حَظُّ رَجُلٍ في تِلْكَ الدَّارِ، فَجَحَدَنِي فَصَالَحْتُهُ عَلَى أَنْ أَسْلَمْت لَهُ شِقْصًا في دَارٍ أُخْرَى عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ لِي هَذَا السُّدُسَ الَّذِي ادَّعَيْته في يَدَيْهِ، أَتَكُونُ فيهِمَا جَمِيعًا الشُّفْعَةُ أَمْ لَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا أَقُومُ عَلَى حِفْظِ قَوْلِ مَالِكٍ في هَذَا، وَلَكِنْ أَرَى الشُّفْعَةَ في الشِّقْصِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ فيهِ دَعْوَى، وَأَمَّا السُّدُسُ الَّذِي كَانَتْ فيهِ دَعْوَى الْمُدَّعِي؛ فَلَا أَرَى فيهِ الشُّفْعَةَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُدَّعِي يَقُولُ إنَّمَا أَخَذْتُ حَقًّا كَانَ لِي وَلَمْ أَشْتَرِهِ فيؤْخَذُ مِنِّي بِالشُّفْعَةِ، وَتَكُونُ في الشِّقْصِ الَّذِي لَمْ يَكُنْ فيهِ دَعْوَى الشُّفْعَةِ، يَأْخُذُ الشَّفيعُ الشِّقْصَ بِقِيمَةِ السُّدُسِ الَّذِي كَانَتْ فيهِ الدَّعْوَى؛ لِأَنَّ الَّذِي أَخَذَ الشِّقْصَ مِنْ الدَّارِ دَفَعَ هَذَا السُّدُسَ الَّذِي كَانَتْ فيهِ الدَّعْوَى، وَهُوَ مُقِرٌّ بِأَنَّ السُّدُسَ الَّذِي دَفَعَ ثَمَنُ هَذَا الشِّقْصِ الَّذِي في يَدَيْهِ. وَلَا يُمْنَعُ الشَّفيعُ مِنْ أَخْذِ مَا في يَدَيْهِ مِنْ هَذَا الشِّقْصِ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ أَنَّهُ قَدْ اشْتَرَاهُ وَثَمَنُهُ السُّدُسَ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ. وَأَمَّا مُدَّعِي السُّدُسِ الَّذِي أَخَذَهُ فيقُولُ أَنَا لَمْ أَشْتَرِ هَذَا السُّدُسَ، وَإِنَّمَا أَنَا رَجُلٌ أَخَذْتُ حَقِّي وَصَالَحْتُ في شِقْصِي الْآخَرِ لَمَّا جَحَدَنِي هَذَا السُّدُسَ، فَافْتَدَيْتُهُ بِهَذَا الشِّقْصِ الَّذِي دَفَعْتُهُ مِنْ مَالِي، فَلَا يَكُونُ فيمَا في يَدَيْهِ مِنْ السُّدُسِ شُفْعَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِشِرَاءِ هَذَا السُّدُسِ. .فيمَنْ ادَّعَى أَنَّهُ قَتَلَ دَابَّتَهُ فَصَالَحَ عَلَى شِقْصٍ: قَالَ: بِقِيمَةِ الدَّابَّةِ. قُلْت: فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ في قِيمَةِ الدَّابَّةِ؟ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّابَّةِ. قُلْت: وَلَا يُقَالُ لَهُ هَهُنَا صِفْ الدَّابَّةَ؟ قَالَ: لَا؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ في الَّذِي يَشْتَرِي الدَّارَ بِالْعَرَضِ فيفُوتُ الْعَرَضُ: إنَّ الْقَوْلَ فيهِ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَيُقَالُ لِلشَّفيعِ خُذْ بِذَلِكَ أَوْ دَعْ وَلَمْ يَقُلْ مَالِكٌ يُقَالُ لَهُ صِفْ. قُلْت: فَإِنْ قَالَ قِيمَةُ ذَلِكَ الْعَرَضِ مَا يَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّهُ فيهِ كَاذِبٌ لَيْسَ ذَلِكَ قِيمَةً لِذَلِكَ الْعَرَضِ؟ قَالَ: لَا يُصَدَّقُ، وَإِذَا أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْآخَرِ بِالشُّفْعَةِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ. .في حَوْزِ وَلِيِّ اللَّقِيطِ مَا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى اللَّقِيطِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ اللَّقِيطُ عِنْدِي هُوَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَخَذْت عَبْدَ الرَّجُلِ غَصَبْتُهُ إيَّاهُ فَاشْتَرَيْتُ بِهِ شِقْصًا في دَارٍ، أَتَكُونُ فيهِ الشُّفْعَةُ أَمْ لَا؟ قَالَ: أَمَّا مَا كَانَ الْعَبْدُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ وَلَمْ يَفُتْ فَلَا شُفْعَةَ في الدَّارِ، فَإِذَا فَاتَ الْعَبْدُ حَتَّى تَجِبَ عَلَى آخِذِهِ قِيمَتُهُ، فَالشُّفْعَةُ لِلشَّفيعِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ اشْتَرَى بِهِ الدَّارَ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ قَدْ تَمَّ بَيْنَهُمَا حِينَ لَزِمَ الْمُتَعَدِّيَ قِيمَةُ الْعَبْدِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنِّي اشْتَرَيْت شِقْصًا في دَارٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ غَصَبْتُهَا مَنْ رَجُلٍ يَعْلَمُ ذَلِكَ، ثُمَّ طَلَبَ الشَّفيعُ الشُّفْعَةَ؟ قَالَ: لَهُ الشُّفْعَةُ وَالشِّرَاءُ جَائِزٌ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِثْلُهَا وَلِرَبِّهَا الَّذِي اسْتَحَقَّهَا أَنْ يَأْخُذَهَا مِنْ يَدِ بَائِعِ الدَّارِ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ في هَذَا لَا تُشْبِهُ الْعُرُوضَ. قُلْت: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَرَاهِمِهِ بِعَيْنِهَا أَخَذَهَا وَرَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمِثْلِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ وَلَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَيْت شِقْصًا مَنْ دَارٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَتَى الشَّفيعُ يَطْلُبُ بِالشُّفْعَةِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي بَنَيْتُ فيهَا هَذَا الْبَيْتَ وَهَذَا الْبَيْتَ وَكَذَّبَهُ الشَّفيعُ؟ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الشَّفيعِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُدَّعٍ فيمَا بَنَى وَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا أَحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا. .فيمَنْ اشْتَرَى عَرْصَةً ثُمَّ اشْتَرَى نَقْضَهَا: قَالَ: نَعَمْ، تَكُونُ شُفْعَةُ الشَّفيعِ في النَّقْضِ وَفي الْعَرْصَةِ فيهِمَا جَمِيعًا في الْعَرْصَةِ بِمَا اشْتَرَاهَا بِهِ الْمُشْتَرِي وَالنَّقْضِ بِالْقِيمَةِ قَائِمًا. قُلْت: وَلِمَ جَعَلْتَ لِلشَّفيعِ الشُّفْعَةَ في النَّقْضِ، وَإِنَّمَا صَفْقَةُ النَّقْضِ غَيْرُ صَفْقَةِ الْعَرْصَةِ؟ قَالَ: جَعَلْتُ الشُّفْعَةَ في الْعَرْصَةِ وَقُلْت لِلشَّفيعِ خُذْ النَّقْضَ مِنْهُ بِقِيمَتِهِ صَحِيحًا وَلَا تَأْخُذْ النَّقْضَ بِمَا اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى الْعَرْصَةَ وَحْدَهَا ثُمَّ أَحْدَثَ فيهَا بُنْيَانًا، لَمْ يَكُنْ لِلشَّفيعِ الْأَخْذُ حَتَّى يَدْفَعَ قِيمَةَ بُنْيَانِهِ وَكَذَلِكَ مَسْأَلَتَكَ. وَهَذَا الَّذِي أَخْبَرْتُكَ بِهِ فيمَا أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبُنْيَانِ فيمَا اشْتَرَى، هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَعَلَى هَذَا قِسْتُ مَسْأَلَتَكَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ وَهَبَ لِي رَجُلٌ شِقْصًا في دَارٍ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ، أَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إنَّهُ لَمْ يَهَبْ لِلثَّوَابِ؟ قَالَ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَصَدَّقَ عَلَى رَجُلٍ بِشِقْصٍ لَهُ في دَارٍ، فَقَالَ الشَّفيعُ لِمَالِكٍ: إنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ قَدْ بَاعَهُ في السِّرِّ أَوْ أَعْطَاهُ ثَوَابًا وَأَشْهَدَ لَهُ بِالصَّدَقَةِ لِيَقْطَعَ شُفْعَتِي، فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُحَلِّفَ الْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ؟ قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ الرَّجُلُ رَجُلَ صِدْقٍ وَلَا يُتَّهَمُ عَلَى مِثْلِ هَذَا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا عَلَى مِثْلِ هَذَا أُحْلِفَ لَهُ وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ. .فيمَنْ اشْتَرَى شِقْصًا فَتَصَدَّقَ بِهِ ثُمَّ أَتَى الشَّفيعُ: قَالَ: نَعَمْ تُنْتَقَضُ الصَّدَقَةُ وَيَأْخُذُ الشُّفْعَةَ بِصَفْقَةِ الْبَيْعِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ دَارًا بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ غَيْرَ مَقْسُومَةٍ، بِعْتُ أَنَا طَائِفَةً مِنْهَا بِغَيْرِ أَمْرِ شَرِيكِي، فَقَدِمَ شَرِيكِي، وَاَلَّذِي بِعْتُ أَنَا مِنْ الدَّارِ هُوَ نِصْفُ الدَّارِ إلَّا أَنَّ الَّذِي بِعْتُ هُوَ نِصْفٌ بِعَيْنِهِ؟ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: إنْ أَحَبَّ شَرِيكُهُ أَنْ يَأْخُذَ بِمَا بَاعَ وَيَدْفَعَ إلَى الْمُشْتَرِي نِصْفَ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ الْمُشْتَرِي فَذَلِكَ لَهُ، وَهَذَا النِّصْفُ الثَّمَنُ الَّذِي يَدْفَعُ إنَّمَا هُوَ مِنْ حِصَّةِ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا يَجُوزُ لَهُ في حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَلَا يَجُوزُ في حِصَّتِهِ هُوَ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ. قَالَ: فَقُلْت لِمَالِكٍ: أَفَلَا يُقَاسِمُ هَذَا الَّذِي لَمْ يَبِعْ شَرِيكَهُ الَّذِي بَاعَ، فَإِنْ صَارَ هَذَا النِّصْفُ الَّذِي بَاعَهُ الْبَائِعُ في حَظِّهِ جَازَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ وَإِنْ صَارَ في حَظِّ صَاحِبِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ؟ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ هَذَا هَكَذَا، وَلَكِنَّ الَّذِي لَمْ يَبِعْ يَأْخُذُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ الَّذِي بَاعَ بِشُفْعَتِهِ وَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ فيهِ الْبَيْعُ إذَا لَمْ يُجِزْهُ هُوَ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي أَخَذَ شُفْعَتَهُ قَدْ دَفَعَ إلَى الْمُشْتَرِي نِصْفَ ثَمَنِهِ وَهُوَ حِصَّةُ الْبَائِعِ، وَيُقَاسِمُهُ النِّصْفَ الْبَاقِيَ مِنْ الدَّارِ إنْ شَاءَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ نَخْلَةً بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ بِعْتُ نَصِيبِي مِنْهَا، أَتَكُونُ لِصَاحِبِي الشُّفْعَةُ فيهَا أَمْ لَا؟ قَالَ مَالِكٌ: لَا شُفْعَةَ فيهَا وَلَا أَرَى في هَذِهِ الشُّفْعَةَ لِأَنَّهَا بِمَا لَا يَنْقَسِمُ. قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى امْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى، فَحَلَفَ لِلْأُولَى بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ إنْ آثَرَ الثَّانِيَةَ عَلَيْهَا ثُمَّ إنَّهُ طَلَّقَ الْأُولَى أَلْبَتَّةَ. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: تَطْلُقُ الثَّانِيَةُ أَيْضًا لِأَنَّهُ حِينَ طَلَّقَ الْأُولَى فَقَدْ آثَرَ الثَّانِيَةَ عَلَيْهَا. .كِتَابُ الْقِسْمَةِ الْأَوَّلُ: .مَا جَاءَ في بَيْعِ الْمِيرَاثِ: قُلْت: فَإِنْ تَصَدَّقَ بِمِيرَاثِهِ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ وَهَبَهُ وَلَمْ يُخْبِرْ مَا هُوَ أَثُلُثٌ أَوْ رُبُعٌ أَيَجُوزُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ وَرِثْنَا دَارَيْنِ وَنَحْنُ أَشْرَاكٌ كَثِيرٌ، فَبِعْتُ نَصِيبِي مَنْ هَذِهِ الدَّارِ مِنْ أَحَدِ الْوَرَثَةِ بِنَصِيبِهِ مَنْ الدَّارِ الْأُخْرَى وَلَمْ أُسَمِّ عِنْدَ الْبَيْعِ مَا نَصِيبِي وَلَا سَمَّاهُ هُوَ لِي أَيْضًا، إلَّا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَّا قَدْ عَرَفَ نَصِيبَهُ مَا هُوَ وَعَرَفَ نَصِيبَ صَاحِبِهِ، أَيَجُوزُ هَذَا في قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: وَكَذَلِكَ لَوْ وَرِثْت في دَارٍ سُدُسًا أَوْ رُبُعًا أَوْ خُمُسًا، فَبِعْتُ مُورَثِي مَنْ الدَّارِ مَنْ رَجُلٍ وَلَمْ أُسَمِّ عِنْدَ عُقْدَةِ الْبَيْعِ أَنَّ ذَلِكَ خُمُسٌ وَلَا رُبُعٌ وَلَا سُدُسٌ، وَقَدْ عَرَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي مَا مِيرَاثُ الْبَائِعِ مَنْ الدَّارِ؟ قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ عَرَفَ الْمُشْتَرِي مَا مُورَثُ الْبَائِعِ وَلَمْ يَعْرِفْ الْبَائِعُ مَا مُورَثُهُ مِنْ الدَّارِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا جَهِلَ أَحَدُهُمَا كَمْ ذَلِكَ مِنْ الدَّارِ فَلَا خَيْرَ في ذَلِكَ الْبَيْعِ. .مَا جَاءَ في التَّهَايُؤِ في الْقَسْمِ: قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ دَارًا بَيْنَ ثَلَاثَةِ رِجَالٍ رَضُوا بِأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمْ بَيْتًا مَنْ الدَّارِ وَعَلَى أَنْ يَكُونَ لِلْآخَرَيْنِ بَقِيَّةُ الدَّارِ، أَيَجُوزُ هَذَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ مَالِكٌ: لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ في الْقَسْمِ؟ قَالَ: إنَّمَا قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ في الْقُرْعَةِ بِالسِّهَامِ. .مَا جَاءَ في شِرَاءِ الْمَمَرِّ وَقِسْمَةِ الدَّارِ عَلَى أَنَّ الطَّرِيقَ عَلَى أَحَدِهِمْ: قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ مَمَرَّهُ في دَارِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ رَقَبَةِ الْبُنْيَانِ شَيْئًا، أَيَجُوزُ هَذَا أَمْ لَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: ذَلِكَ جَائِزٌ لَهُمَا. .مَا جَاءَ في قِسْمَةِ الدَّارِ وَأَحَدُهُمَا يَجْهَلُ حَظَّهُ: قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ في الْمَرْأَةِ تُصَالَحُ عَلَى مُورَثِهَا مِنْ الدَّارِ وَلَا تَعْرِفُ مَا هُوَ. قَالَ مَالِكٌ: الصُّلْحُ بَاطِلٌ. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ دَارًا بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ تَرَاضَيْنَا عَلَى أَنِّي جَعَلْت لَهُ طَائِفَةٍ مِنْ الدَّارِ، عَلَى أَنْ جَعَلَ لِي الطَّائِفَةَ الْأُخْرَى، فَرَجَعَ أَحَدُنَا قَبْلَ أَنْ تُنْصَبَ الْحُدُودُ بَيْنَنَا؟ قَالَ: ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُمَا وَلَا يَكُونُ لَهُمَا أَنْ يَرْجِعَا عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ هَذَا بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ أَقْرِحَةً مُتَبَايِنَةً بَيْنَ قَوْمٍ شَتَّى أَرَادُوا أَنْ يَقْتَسِمُوا قَالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمْ لَنَا في الْأَقْرِحَةَ كُلِّهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ اجْمَعْ لَنَا نَصِيبَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا في مَوْضِعٍ وَاحِدٍ؟ قَالَ: إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ قَرِيبَةً مِنْ بَعْضٍ وَكَانَتْ في الْكَرْمِ سَوَاءً، قُسِّمَتْ كُلُّهَا وَجُمِعَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ في مَوْضِعٍ وَاحِدٍ. وَإِنْ كَانَتْ الْأَقْرِحَةُ مُخْتَلِفَةً وَكَانَتْ قَرِيبَةً، قُسِمَ كُلُّ قَرِيحٍ عَلَى حِدَةٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَقْرِحَةُ في الْكَرْمِ سَوَاءً إلَّا أَنَّهَا مُتَبَايِنَةٌ مُتَبَاعِدَةٌ مَسِيرَةَ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ، قُسِمَ كُلُّ قَرِيحٍ عَلَى حِدَةٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ في الْقَوْمِ يَرِثُونَ الْحَوَائِطَ وَالدُّورَ وَيَكُونُ بَيْنَهُمْ الْيَوْمُ وَالْيَوْمَانِ. قَالَ: أَرَى أَنْ تُقَسَّمَ الْحَوَائِطُ وَتِلْكَ الدُّورُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ. .قِسْمَةُ الْقُرَى: قَالَ: إنْ كَانَتْ الْقُرَى مُتَقَارِبَةً، وَهِيَ في رَغْبَةِ النَّاسِ فيهَا وَنَفَاقِهَا عِنْدَ النَّاسِ سَوَاءٌ، جُمِعَتْ تِلْكَ الْقُرَى كُلُّهَا في الْقَسْمِ، فَقُسِّمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حِصَّتُهُ في مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنْهَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَتْ الْقُرَى مُتَبَاعِدَةً مُتَبَايِنَةً مَسِيرَةَ الْيَوْمِ وَنَحْوِهِ وَالْيَوْمَيْنِ، وَهِيَ في رَغْبَةِ النَّاسِ فيهَا سَوَاءٌ وَفي حِرْصِ النَّاسِ عَلَيْهَا وَفي نَفَاقِهَا عِنْدَ النَّاسِ سَوَاءٌ؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تُقَسَّمَ كُلُّ قَرْيَةٍ عَلَى حِدَةٍ، كَمَا قَالَ مَالِكٌ في الدُّورِ الَّتِي أَخْبَرْتُكَ. .قِسْمَةُ الدُّورِ بَيْنَ نَاسٍ شَتَّى: قَالَ: يُنْظَرُ في ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ الدُّورُ سَوَاءً في نَفَاقِهَا عِنْدَ النَّاسِ وَرَغْبَةِ النَّاسِ فيهَا وَفي مَوْضِعِهَا، قُسِّمَتْ وَجُمِعَ لِكُلِّ إنْسَانٍ حَظُّهُ في مَوْضِعٍ وَاحِدٍ. وَإِنْ كَانَتْ الدُّورُ مُتَفَاوِتَةً مُخْتَلِفًا نَفَاقُهَا عِنْدَ النَّاسِ وَمَوْضِعُهَا كَذَلِكَ، فَلَمْ يُجْمَعْ لِكُلِّ إنْسَانٍ في مَوْضِعٍ وَاحِدٍ يَجْمَعُ الْقَاسِمُ كُلَّ دَارٍ مِنْهَا إذَا كَانَتْ صِفَتُهَا وَاحِدَةً في رَغْبَةِ النَّاسِ وَنَفَاقِهَا وَمَوْضِعِهَا، فَتُقْسَمُ هَذِهِ كُلُّهَا قَسْمًا وَاحِدًا وَيُنْظَرُ إلَى مَا اخْتَلَفَ مِنْ الدُّورِ فيقْسَمُ ذَلِكَ عَلَى حِدَةٍ، فيعْطَى كُلُّ إنْسَانٍ حَظَّهُ مِنْ ذَلِكَ قِيلَ، وَإِنْ اتَّفَقَتْ دَارَانِ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ جَمَعَهُمَا في الْقَسْمِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ. .في قِسْمَةِ قَرْيَةٍ فيهَا دُورٌ وَشَجَرٌ: قَالَ: أَمَّا دُورُ الْقَرْيَةِ فَتُقَسَّمُ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ في قِسْمَةِ الدُّورِ، وَأَمَّا الْأَرْضُ الْبَيْضَاءُ فَتُقَسَّمُ عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ في قَسْمِ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ. قُلْت: وَكَيْفَ وَصَفْتَ لِي في قِسْمَةِ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ؟ قَالَ: يُنْظَرُ إلَى مَا كَانَ مِنْ الْأَرْضِ الَّتِي يُشْبِهُ بَعْضُهَا بَعْضًا في الْكَرْمِ وَالنَّفَاقِ عِنْدَ النَّاسِ وَتَقَارُبِ مَوْضِعِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ، جُمِعَ لَهُ هَذَا كُلُّهُ فيجْعَلُ نَصِيبُ كُلِّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ في مَوْضِعٍ وَاحِدٍ. وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَرْضُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا أُعْطِيَ كُلُّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ حِصَّتَهُ في كُلِّ أَرْضٍ عَلَى حِدَةٍ، وَهَذَا مِثْلُ الدُّورِ وَالنَّخْلِ. قَالَ: وَمَا حَدُّ قُرْبِ الْأَرْضِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ؟ قَالَ: لَمْ يَحُدَّ لَنَا مَالِكٌ فيهِ حَدًّا. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى الْمِيلَ وَمَا أَشْبَهَهُ قَرِيبًا في الْحَوَائِطِ وَالْأَرَضِينَ. قُلْت: أَرَأَيْتَ الشَّجَرَ الَّتِي هِيَ في هَذِهِ الْقَرْيَةِ بَيْنَ هَذَيْنِ الْأَخَوَيْنِ، كَيْفَ يَقْسِمُهَا مَالِكٌ بَيْنَهُمَا وَهِيَ مِنْ أَنْوَاعِ الْأَشْجَارِ: تُفَّاحٌ وَرُمَّانٌ وَخَوْخٌ وَأُتْرُجٌّ وَأَنْوَاعُ الْفَاكِهَةِ مُخْتَلِطَةٌ في جِنَانٍ وَاحِدٍ، أَوْ كَانَتْ الْأَجِنَّةُ كُلَّ نَوْعٍ عَلَى حِدَةٍ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ في هَذَا بِعَيْنِهِ شَيْئًا، وَلَكِنِّي أَرَى إنْ كَانَتْ الْأَشْجَارُ مُخْتَلِطَةً في حَائِطٍ وَاحِدٍ كَمَا وَصَفْتَ لِي قُسِمَ الْحَائِطُ، وَجُمِعَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا في مَوْضِعٍ وَاحِدٍ عَلَى الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأَجِنَّةُ، التُّفَّاحُ جِنَانٌ عَلَى حِدَةٍ وَالرُّمَّانُ جِنَانٌ عَلَى حِدَةٍ وَكُلُّ نَوْعٍ جِنَانٌ عَلَى حِدَةٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَسَّمَ بَيْنَهُمْ، قُسِّمَ بَيْنَهُمْ كُلُّ جِنَانٍ عَلَى حِدَةٍ عَلَى الْقِيمَةِ وَأُعْطِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَظُّهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ في النَّخْلِ يَكُونُ في الْحَائِطِ مِنْهُ الْبَرْنِيُّ وَالصَّيْحَانِيُّ وَاللَّوْنُ وَالْجُعْرُورُ وَأَنْوَاعُ التَّمْرِ، رَأَيْتُهُ يُقَسَّمُ عَلَى الْقِيمَةِ وَيُعْطَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُجْمَعُ لَهُ حَظُّهُ في مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنْ الْحَائِطِ، وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا يَصِيرُ في حَظِّ هَذَا مِنْ أَلْوَانِ التَّمْرِ وَمَا يَصِيرُ في حَظِّ هَذَا مِنْ أَلْوَانِ التَّمْرِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ دَارًا في يَدِ رَجُلٍ غَائِبٍ، أَتَى رَجُلٌ فَادَّعَى أَنَّهُ وَارِثُ هَذِهِ الدَّارِ مَعَ الْغَائِبِ، أَيَقْبَلُ الْقَاضِي مِنْهُ الْبَيِّنَةَ وَاَلَّذِي كَانَتْ الدَّارُ في يَدَيْهِ غَائِبٌ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا أَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ، إلَّا أَنِّي سَمِعْتُ مَنْ يَذْكُرُ هَذَا عَنْهُ أَنَّ الدُّورَ لَا يُقْضَى عَلَى أَهْلِهَا فيهَا وَهُمْ غُيَّبٌ وَهُوَ رَأْيِي. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْبَتُهُ تَطُولُ، فينْظُرُ في ذَلِكَ السُّلْطَانُ مِثْلُ مَنْ يَغِيبُ إلَى الْأَنْدَلُسِ أَوْ طَنْجَةَ فيقْسَمُ في ذَلِكَ الزَّمَانِ الطَّوِيلِ، فَأَرَى أَنْ يَنْظُرَ في ذَلِكَ السُّلْطَانُ وَيَقْضِيَ بِهِ. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَامَ الْوَرَثَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُمْ وَرِثُوا هَذِهِ الدَّارَ عَنْ أَبِيهِمْ، وَأَنَّ ذَلِكَ الْغَائِبَ الَّذِي هَذِهِ الدَّارُ في يَدَيْهِ لَا حَقَّ لَهُ فيهَا؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ في هَذَا إلَّا مَا أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ بَلَغَنِي. فَأَرَى أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ مِثْلَ مَا يُسَافِرُ النَّاسُ وَيَقْدَمُونَ، كَتَبَ الْوَالِي إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ بِذَلِكَ أَنْ يَسْتَخْلِفَ أَوْ يَقْدَمَ فيخَاصِمَهُمْ. وَإِنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ بَعِيدَةً يَعْلَمُ أَنَّ الَّذِينَ طَلَبُوا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الذَّهَابِ إلَى ذَلِكَ الْغَائِبِ الَّذِي في يَدَيْهِ الدَّارُ وَلَا يُوصَلُ إلَيْهِ لِبُعْدِ الْبِلَادِ، رَأَيْتُ أَنْ يَقْضِيَ لَهُمْ بِحُقُوقِهِمْ. قُلْت: فَهَلْ يُقِيمُ الْقَاضِي وَكِيلًا لِهَذَا الْغَائِبِ يَقُومُ لَهُ بِحُجَّتِهِ؟ قَالَ: لَا أَحْفَظُ في هَذَا شَيْئًا وَلَا أَعْرِفُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ لِلْغَائِبِ، وَلَكِنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ وَلَا يَسْتَخْلِفُ لَهُ خَلِيفَةً. قُلْت: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الَّذِي في يَدَيْهِ الدَّارُ صَبِيًّا صَغِيرًا، فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ دَارُهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ، هَلْ يَسْتَخْلِفُ الْقَاضِي لِهَذَا الصَّبِيِّ خَلِيفَةً؟ قَالَ: مَا عَلِمْتُ أَنَّ مَالِكًا وَلَا أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَا رَأَيْتُهُ في شَيْءٍ مِنْ مَسَائِلِ مَالِكٍ أَنَّهُ يَسْتَخْلِفُ لَهُ الْقَاضِي خَلِيفَةً وَلَا أَرَى ذَلِكَ. .مَا جَاءَ في قِسْمَةِ الثِّمَارِ: قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا تُقَسَّمُ الثِّمَارُ مَعَ الْأَصْلِ وَكَذَلِكَ الزَّرْعُ لَا يُقَسَّمُ مَعَ الْأَرْضِ، وَلَكِنْ تُقَسَّمُ الْأَرْضُ وَالشَّجَرُ وَتُقَرُّ الثَّمَرُ وَالزَّرْعُ حَتَّى يَحِلَّ بَيْعُهُمَا، فَإِذَا حَلَّ بَيْعُهُمَا فَإِنْ أَحَبُّوا أَنْ يَبِيعُوا الثَّمَرَةَ وَالزَّرْعَ ثُمَّ يَقْتَسِمُوا الثَّمَنَ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ فَذَلِكَ لَهُمْ، وَلَا يُقَسَّمُ الزَّرْعُ فَدَادِينَ وَلَا مُزَارَعَةً وَلَا قَتًّا وَلَا يُقَسَّمُ إلَّا كَيْلًا، وَأَمَّا الثَّمَرُ مِنْ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ، فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ فيهِ: إذَا طَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ وَاحْتَاجَ أَهْلُهُ إلَى قِسْمَتِهِ. قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانُوا يُرِيدُونَ أَنْ يَجُدُّوا كُلُّهُمْ فَلَا أَرَى أَنْ يَقْتَسِمُوهُ، وَإِنْ كَانُوا يُرِيدُونَ أَنْ يَأْكُلُوهُ رُطَبًا كُلُّهُمْ أَوْ يَبِيعُوهُ رُطَبًا كُلُّهُمْ فَلَا أَرَى أَنْ يَقْتَسِمُوهُ وَكَذَلِكَ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ يُرِيدُ أَنْ يَبِيعَ وَبَعْضُهُمْ يُرِيدُ أَنْ يُثْمِرَ وَبَعْضُهُمْ يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ، وَاخْتَلَفَتْ حَوَائِجُهُمْ، أَوْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يَبِيعَ وَبَعْضُهُمْ أَنْ يُيَبِّسَ، رَأَيْتُ أَنْ يُقَسَّمَ بَيْنَهُمْ بِالْخَرْصِ إذَا وَجَدُوا مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ مَنْ يَعْرِفُ الْخَرْصَ. قُلْت لِمَالِكٍ: فَالْفَاكِهَةُ وَالرُّمَّانُ وَالْفِرْسِكُ وَمَا أَشْبَهَهُ؟ قَالَ: لَا يُقَسَّمُ بِالْخَرْصِ وَإِنْ احْتَاجَ أَهْلُهُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَيْسَ فيهِ الْخَرْصُ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ، وَإِنَّمَا مَضَى الْخَرْصُ في النَّخْلِ وَالْعِنَبِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَذَلِكَ أَنَّهُ ذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَالِكًا رَخَّصَ في قَسْمِ الْفَوَاكِهِ بِالْخَرْصِ، فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ فَقَالَ: لَا أَرَى ذَلِكَ. قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْتُهُ عَنْهُ غَيْرَ مَرَّةٍ فَأَبَى أَنْ يُرَخِّصَ فيهِ. .مَا جَاءَ في قِسْمَةِ الْبَقْلِ: قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، إلَّا أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ قَسْمَ الثِّمَارِ بِالْخَرْصِ وَقَالَ: هُوَ مِمَّا لَوْ كَانَ شَيْءٌ يَجُوزُ فيهِ الْخَرْصُ لَجَازَ في الثِّمَارِ، فَالْبَقْلُ أَبْعَدُ مِنْ الثِّمَارِ في الْخَرْصِ، فَلَا أَرَى أَنْ يُقَسَّمَ حَتَّى يُجَدَّ وَيُبَاعَ فيقْتَسِمُونَ ثَمَنَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ جُلَّ الثِّمَارِ مِنْ التُّفَّاحِ وَالْفِرْسِكِ وَالرُّمَّانِ وَالْأُتْرُجِّ وَالْمَوْزِ وَمَا أَشْبَهَهُ، لَا بَأْسَ بِهِ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ، وَلَا بَأْسَ بِالْقُرْطِ، اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ. فَلَمَّا لَمْ يُجَوِّزْ لِي مَالِكٌ فيمَا يُجَوِّزُ مِنْ الثِّمَارِ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ أَنْ يُقَسَّمَ ذَلِكَ بِالْخَرْصِ، كَرِهْتُ أَنْ يُقَسَّمَ الْبَقْلُ الْقَائِمُ بِالْخَرْصِ، وَإِنَّمَا هَذِهِ الْفَاكِهَةُ الْخَضْرَاءُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمَنْزِلَةِ الْبَقْلِ في أَثْمَانِهَا في الزَّكَاةِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فيهَا، وَلَا بَأْسَ في تَفَاضُلِهَا بَيْنَهَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ. قُلْت: هَلْ يَجُوزُ بَيْعُ فَدَّانٍ كُرَّاثٍ بِفَدَّانَيْ كُرَّاثٍ أَوْ سَرِيسٍ أَوْ خَسٍّ أَوْ سِلْقٍ؟ قَالَ: لَا خَيْرَ فيهِ عِنْدَ مَالِكٍ، إلَّا أَنْ يُجَدَّا مَكَانَهُمَا وَيَقْطَعَا ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا، وَذَلِكَ أَنِّي سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الثَّمَرَةَ قَدْ طَابَتْ بِقَمْحٍ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ أَوْ بِثَمَرَةٍ يَابِسَةٍ يَكْتَالُهَا لَهُ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهَا، أَوْ ثَمَرَةً في رُءُوسِ النَّخْلِ بِثَمَرَةٍ في رُءُوسِ الشَّجَرِ سِوَى النَّخْلِ وَكُلٌّ قَدْ طَابَ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَحِلُّ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَجُدَّا مَا في رُءُوسِ الشَّجَرِ مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا. قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ جَدَّ أَحَدُهُمَا وَتَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَجُدَّ الْآخَرُ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى مَا في رُءُوسِ النَّخْلِ بِحِنْطَةٍ فَدَفَعَ الْحِنْطَةَ وَتَفَرَّقَا قَبْلَ أَنْ يَجُدَّ مَا في رُءُوسِ النَّخْلِ، لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ، فَكَذَلِكَ الْبَقْلُ عِنْدِي مِثْلُ هَذَا، وَاَلَّذِي أَخْبَرْتُكَ مِنْ الثِّمَارِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. .مَا جَاءَ في قِسْمَةِ الْأَرْضِ وَمَائِهَا وَشَجَرِهَا: قَالَ: تُقْسَمُ الْأَرْضُ عِنْدَ مَالِكٍ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ مِنْهَا، وَيَكُونُ لَهُمْ في شِرْبِهِمْ مِنْ الْمَاءِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ مِنْهُ، وَكُلُّ قَوْمٍ كَانُوا شُرَكَاءَ في قَلْدٍ مِنْ الْأَقْلَادِ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْ ذَلِكَ، فَشُرَكَاؤُهُ دُنْيَةً أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِنْ سَائِرِ شُرَكَائِهِ في الْمَاءِ. قُلْت: وَالدِّنْيَةُ في قَوْلِ مَالِكٍ هُمْ أَهْلُ وِرَاثَةٍ يَتَوَارَثُونَ دُونَ شُرَكَائِهِمْ؟ قَالَ نَعَمْ. قُلْت: وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ قَدْ قُسِّمَتْ إلَّا أَنَّهُمْ لَمْ يَقْتَسِمُوا الْمَاءَ، فَبَاعَ رَجُلٌ حَظَّهُ مِنْ الْمَاءِ وَلَمْ يَبِعْ الْأَرْضَ، كَانَتْ فيهِ الشُّفْعَةُ في قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ نَخْلٍ بَيْنَ قَوْمٍ اقْتَسَمُوهَا وَلَهَا بِئْرٌ وَتَرَكُوا الْبِئْرَ عَلَى حَالِهَا يَسْقُونَ بِهَا، فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حَظَّهُ مِنْ الْأَرْضِ وَتَرَكَ حَظَّهُ مِنْ الْبِئْرِ لَمْ يَبِعْهُ مَعَهُ، ثُمَّ بَاعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ إنْسَانٍ فَقَالَ شَرِيكُهُ في الْبِئْرِ أَنَا آخُذُ بِالشُّفْعَةِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا شُفْعَةَ لَهُ فيهَا. قَالَ: فَقُلْت لِمَالِكٍ: الْبِئْرُ الَّتِي لَا شُفْعَةَ فيهَا مَا هِيَ؟ قَالَ: هِيَ هَذِهِ الَّتِي إذَا قُسِمَتْ النَّخْلُ وَتُرِكَتْ الْبِئْرُ فَلَا شُفْعَةَ فيهَا، فَالْعُيُونُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ. قُلْت: فَإِنْ لَمْ يُقْسَمْ النَّخْلُ، فَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ حَظَّهُ مِنْ الْمَاءِ إنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ في رَجُلٍ كَانَ لَهُ شِرْكٌ في نَخْلٍ يَسِيرٍ حَظُّهُ مِنْهَا يَسِيرٌ وَلَهُمْ نَبْعُ مَاءٍ، فَأَرَادَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَبِيعَ حَظَّهُ مِنْ الْمَاءِ مِنْ رَجُلٍ وَهُوَ الْقَلِيلُ الْحَظِّ وَلَا يَبِيعَ النَّخْلَ. قَالَ: أَرَى شُرَكَاءَهُ في الْمَاءِ أَحَقَّ بِالشُّفْعَةِ.
|